تسحرني نسيمات الهواء بعبق البحر من على الشرفة، لتطربني أصوات زقزقة العصافير ممتزجة بتلاطم الموج، فيأسرني شعور بالعمق في قلب هذا البحر وسحاب ذاك الأفق، ليعيدني قدح قهوتي إلى حيث أنا، راسما الابتسامة على شفتي.. وأغمض عيني لأبقي ما مر بي في أعماق نفسي، ومن هنا كتبت خاطرتي أنا ونفسي..
عندما سألت أصدقائي أن يصفوا أنفسهم في مقال سابق، نسيت أن أذكر بماذا أجبتهم حينها، فقد قلت واصفا: عقل وقلب وروح.. فسعيت أن يكون عقلي ذا فكر صحيح متزينا بالروية التامة في الأمور، ودونما شك جعلت لساني من وراء قلبي، وأما قلبي فكلفته دوام الفكر الباحث عن الحكم والأسرار من حولي، وأما الروح فأطلقتها حرة، جناحاها حسن النية وجميل المقصد ..
ومع مضي الوقت، أصبحت أجد فرصة أكبر للاستماع لداخلي لا مجرد السماع، فأفهم مايدور وما المفترض أن يكون تصرفي وجوابي، يقول الشاعر :
ما كلُّ قول له جوابُ ** جوابُ ماتكرهُ السكوتُ
لحظات التأمل العميق تلك، جعلتني شارد الذهن في فترات، ومنفعلا مضربا في لحظات أخرى، تتبادرها النفس والفكر والطموح وقوة الروح، تلك الاضطرابات تدفعني بقوة للبحث عن بعد رابع.. بعد أكثر عمقا وأشد غموضا، إنه “السر“..
تنوع القوى وتضارب مساراتها أدى لزوبعة تعصف بما حولها، ليتَ شعري فقد كانت من الداخل، تذكرت المقولة: داوها بالتي كانت هي الداء، فبحثت عن قوة تسكن هذه الزوبعة تفوقها قوة وقدرة، فتذكرت عبارة أحدهم عندما سأل: أي الطعام أشهى؟ فقال: لقمة طيبة من ذكر الله.. وكيف أنهم بدءا يصبرون عليه فيصيرون لايصبرون عنه..
مابين طرفة عين وانتقالتها ** يحول الله من حال إلى حالِ
اطمئنان القلب بذكر مولاه، ألزمه السكينة والصمت، ما حداه للسكون وتحريك الشجون، حتى وجد نقطة الاستقرار، من داخله وعمقه الخاص به، ترتسم ابتسامة قد لاتظهر على المحيا، ولكنها باردة عذبة تسري في العروق تشعره بالسعادة والرضا، كم هو جميل أن يكون لنا مركبا نجدف بأيدينا لتحريكه، ولكن إذا توفرت المحركات فلابد من الاستفادة منها لتسريع الخطوات، ومتى استقرت الرؤية التضح المسار، وحان وقت الإنطلاق..
فروحي وريحاني إذا كنت حاضرا
وإن غبت فالدنيا علي محابسُ
ففيك صحبت العيشَ والعيشُ ناعمٌ
وفيك سكبتُ الدمع والربعُ آنسُ
إذا لم أنافس في هواك ولم أغر
عليكَ ففيمن ليتَ شعري أنافسُ
كتبت مقدمة مقالي على شرفة غرفتي، ووضعت فقراته على متن الطائرة، وكتبته اليوم قبل أن أسافر مجددا، سأترك نفسي للهوى.. هوى الفرص ونسماته وليس هوى نفسي.. واضعا نصبَ عيني دوما، أن ” نية المؤمن خير من عمله” ..
محمد السقاف
اترك تعليقاً | عدد التعليقات: (32)
خاطرة رائعة وأسلوب أروع .
خاطرة .. جعلت هذين التوأمين أنا ونفسي تتراقصان في الأرض الرحيبة ..
خاطرة .. جعلت تسوق العاصفة وهي تهز الحياة كلها بإبتسامة ..
تنبسط الروح محلقة في السماء دون حدود , فليس ثمة نهار ولا ليل
ولا شكل ولا لون لا شيء سوى النقاء ..!! هناك حيث الأفق .
تقييم التعليق: 0 0
الأخت شجون .. أسعدني تعليقك وأن وجدت لكلماتي صدى بين أسطرك..
موفقة إن شاء الله ..
تقييم التعليق: 0 0
شجون .. قال:
25 فبراير 2009 الساعة 10:44 ص
خاطرة رائعة وأسلوب أروع .
خاطرة .. جعلت هذين التوأمين أنا ونفسي تتراقصان في الأرض الرحيبة ..
خاطرة .. جعلت تسوق العاصفة وهي تهز الحياة كلها بإبتسامة ..
تنبسط الروح محلقة في السماء دون حدود , فليس ثمة نهار ولا ليل
ولا شكل ولا لون لا شيء سوى النقاء ..!! هناك حيث الأفق .
الخاططره رووعه مشاءالله ..
ننتظر االمزيييييد
تقييم التعليق: 0 0
خاطره روعه مشاءالله
تقييم التعليق: 0 0
رائع ياسيد ..
شكرا على حالة الصفاء الي عشتها بقراءة الخاطرة ..
المسجد جميل ..مااسمه ؟
شكرا على هذه الخاطرة الجميلة
تقييم التعليق: 0 0
الأخت آلاء.. كما يقال: المحاسن أعين المحاسن..
شكرا لتعليقك، والمسجد الذي بالصورة هو: مسجد الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله “أبوظبي”.
تقييم التعليق: 0 0
ادهشتني الصور .. شاهدت التراث الاسلامي العريق ..
شكرا لكم..
تقييم التعليق: 0 0
جزاك الله خير ، كم أحب لحظات التأمل والحديث مع النفس خاصة على الشاطئ
(تسحرني نسيمات الهواء بعبق البحر من على الشرفة، لتطربني أصوات زقزقة العصافير ممتزجة بتلاطم الموج، فيأسرني شعور بالعمق في قلب هذا البحر وسحاب ذاك الأفق،)
أممم ، يبدو لي أن برنامجك التمثيلي ( سمعي حسي ) أليس كذلك ؟ <<< وش لقفك
تقييم التعليق: 0 0
Hahhaaha. I’m not too bright today. Great post!
تقييم التعليق: 0 0
Espectacular la información sobre PNL (Programación Neuro-lingûistica) de Estani.Hay mucho para aprender y aplicar sobre este tema. Sin desperdicio.Felicitaciones
تقييم التعليق: 0 0
I’m guessing that if this is used on a group blog, there’s no way to easily exclude the other blog authors from the list, right? Trying to make it appear that there’s someone besides us commenting on our awesome, awesome posts.
تقييم التعليق: 0 0
i like how all videos say blottes and stuff can be purchased at your local homebrew shop , seriously i lived in ATL and Charl. NC, bot major cities and havent found anything remotely close to thess so called homebrew shop
تقييم التعليق: 0 0
Yeah, I get enough of the nasty debating within my own family. Why on earth would I want to get into it on blogs? I appreciate that others truly enjoy a healthy debate, but not me. I’ll just sip my coffee and let others duke it out. Sometimes it strikes me as we’re all just a bunch of kids on a playground, fighting over who goes first in hopscotch. Didn’t we learn in school to appreciate all sides and points of view? Didn’t we learn respect? Or simple acceptance of differences? Didn’t I learn not to eat paste? And not to stick crayons up my nose?
تقييم التعليق: 0 0
السلام عليكم واشكر كل المشاركين انه موقع في منتهى الروعة واتمنى دوما الجديد
تقييم التعليق: 0 0
يعطيك الف عافيه محمد السقاف
اخوك طارق الجنيدي وحاب اتواصل معكم اذا تسمحون لنا
تحياتي
طارق الحنيدي
تقييم التعليق: 0 0
الأخت مها.. لم أجرب اختبار البرنامج التمثيلي ولكن فعلا أعتقده كذلك 🙂
تقييم التعليق: 0 0
الأخت زينب.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
شكرا لتواجدك وإطرائك، موفقة إن شاء الله..
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم طارق الجنيدي.. أهلا ومرحبا بك ويسعدني تواصلك..
تقييم التعليق: 0 0
خاطرة جميلة
وفي انتظار ما يحرك السر
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم Ameen شكرا لتعليقك..
اكتشاف السر أهم أم تحريكه أم معرفة الدافع وراء ذلك..
تساؤلات تبحث عن إجابة في كوامننا قبل كوامن الآخرين..
موفق بإذن الله..
تقييم التعليق: 0 0
” نية المؤمن خير من عمله”
رآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآئع ماكتبتِ
خآطرهِـ في قمه الروعهـِ
حمآك ربيُ.~×
تقييم التعليق: 0 0
بصراحه عندك جزاله في الاسلوب والتراكيب
تقييم التعليق: 0 0
الأخت عهود الرفاعي.. شكرا لكلماتك الطيبة..
دعائي لك بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
الأخت هنادي.. شكرا لك وأسأل الله لك المزيد من التوفيق والنجاح..
تقييم التعليق: 0 0
اروع خاطرة سمعتها في حياتي
تقييم التعليق: 0 0
وفقك الله يا استاذ محمد
من يعيش بهذه الروحانية والتأمل بالفعل انسان مميز
واعتقد كنت في فندق شانغريلا 🙂
لاني جلست متاملة هذا المشهد في هذا الوقت
منذ اسابيع
بارك الله فيك
موفق دائما
تقييم التعليق: 0 0
الأخت الكريمة غالية عبدالله، شكرا لكلماتك الطيبة وتعليقك، وفعلا الفندق هو الشانغريلا.
دعائي لك بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
الخااااطرة جميلة ورائعة والى الا مااااااااام
تقييم التعليق: 0 0
خاطرة روعة نشكرك
تقييم التعليق: 0 0
اطلب منك المزيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد
تقييم التعليق: 0 0
يسعدك البـآريء ع جمـآل طرحك【ツ】
وعطر حروفك ৲ৢঐ,,
تقييم التعليق: 0 0
الالتبتننينينيهقيبتتتتتتتسسسسسسلرىيبنم زواوا
تقييم التعليق: 0 0