نحن في شبكة عنكبوتية، لاتعرف الحدود الجغرافية، متداخلة الثقافات والمجتمعات، متوفرة طوال اليوم والأسبوع والسنة، سريعة التطور والتوسع والتمدد، لذا نحرص أن نبحث فيها عن الأفضل والأكثر تحديثا وتواكبا مع تسارع الأحداث، وعن ارتباط خفي بين القارئ والموقع ألا وهو: مصداقية الموقع، فما الذي تعنيه في مفهومها ولنا؟ وماذا نريد منها؟ وما هي أبعاد ارتباط العالم الافتراضي بالعالم الحقيقي؟
إذا قالت حذام فصدقوها | فإن القول ما قالت حذام |
للحصول على معلومة ما، تجدك تتجه نحو ثلاثة اعتبارات غالبا: مصدرها وجوهرها ومظهرها، والارتباط بهذه المحاور وثيق في ابتنائه على ركيزة هامة، ألا وهي المصداقية، ومن هنا برزت أسماء في التاريخ في مختلف الحقبات واللغات والفئات محور بروزها الصدق والمصداقية،وعلى رأس هذا الهرم الأنبياء الكرام عليهم السلام.
كما تطور شكل إيصال المعلومة سواء بلسان الحال أو المقال، فمن كلمة لشعر وخطبة واعتلاء منبر، لرسالة وكراسة وكتاب ودفتر، وصحيفة أو جريدة ومجلة، لمذياع وتلفاز وهواتف وغيرها، حتى أتت طفرة الانترنت لتحتوي ذلك كله وتبرزه وتستقي منه في مصدره وجوهره ومظهره.
نشأت فكرة الانترنت منذ العام 1960م في الولايات المتحدة الأمريكية لاحتياج عسكري، وأخذت تتبلور تدريجيا فكانت أول انطلاقة عملية في العام 1969م، لتكون الانطلاقة البارزة في التسعينات وتحديدا 1996م، ثم انطلاقة الويب 2 في العام 2004م.
والزاوية التي أنظر منها تسلط الضوء على الانترنت في ذاته من حيث الارتباطات التشعيبية Hyper Link ، وفي عموم كونه وسيلة لها وجهان في استخدامها، الخير والشر “أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ماصنع له“، ولفتح آفاق مستقبلية من واقع حالنا في استخدامه والتعامل معه، بين أناس يرون أن الانترنت هو كل شيء في الحياة وآخرين يرون أنهم لن يصبحوا من مرتاديه البتة، فلا إفراط ولا تفريط.
وهنا سؤال يتبادر للذهن، ما الذي تعنيه مصداقية الانترنت؟ وما الذي يبحث عنه زائر الموقع ليجد هذه المصداقية؟
1. مصداقية المصدر: دون شك أول ما يطلبه الزائر في الموقع ألا يقدم له معلومة خاطئة “الدقة“، وبعد ذا ألا يكذب في أخباره ومعلوماته “الصدق“، وأن يبتعد قدر الإمكان عن الفرقعات الإعلامية والعبارات الموهمة “الموضوعية“، بعدهما ألا يرجح كفة ميوله أو توجهه ولو لم يكذب “الحيادية“، وبعد ذا أن يكون واضحا مرنا يقبل النقاش والحوار “الشفافية“.
2. مصداقية الجوهر: في المعلومة ذاتها، فالزائر يبحث عن معلومة لها مصدر واضح “التوثيق“، وعن موقع لا يقدم له أي شيء بل يهديه “خلاصة” بحث أو نقاش أو حدث، إضافة لعصارة “خبرة“، والذي يعنيه شخصيا من كل ذا هو مدى ملامستها وعائدها له “النفع“، ومع الارتباطات في عالم الانترنت تصبح الحاجة لفتح الآفاق والإحالة على أفكار جديدة أو المصادر الأساسية مطلبا أيضا “الاتساع الشبكي” و “قتح الآفاق” لمعارف وعلوم جديدة عبر رابط خفي، وما أروع أن يتوج كل ذا بـ “التخصص“.
3. مصداقية المظهر: وهو فن يرتبط بالأسلوب أو الوسيلة الأنسب للحال والمقال، فيبحث الزائر عن “ملائمة” الموقع و”موائمته” فنيا وتقنيا، وأن يجد ما يريده بلا توهان أو تعقيد “سهولة الاستخدام“، وهذا مبحث واسع مجالاته وتطوره، والمهم هنا تطابق “انعكاس” مضمون الموقع مع شكله ومظهره.
والخلاصة أن يصبح الموقع في توازنه ومصداقيته مرجعا يعود له الزائر قبل غيره، ومصدرا يستقي منه ويحيل عليه الآخرين لما سبق ولما وجده من نفع وفائدة، إضافة لكونه بيئة مثالية آمنة مضمونا وتقنيا.
سيشمل الحديث عن مصداقية الانترنت عددا من العناصر، بهدف توثيق التجربة وتطوير الثقافة العامة ضمن ثقافة الانترنت حول هذا المضمون وتبادل الخبرات، كما يمكن تطويرها لتصبح بحثا يشترك فيه من يحب، ومن الممكن جدا بناؤها لتصبح دورة تدريبية متخصصة، وقد حرصت في هذه السلسلة أن تكون من واقع الحال ومنظور المستخدم العربي، ومن خلاصة تجربتي في عالم الانترنت، والعناصر هي:
مقدمة – المصادر والمراجع – المحتوى – الهيمنة – الانعكاس الأخلاقي والتربوي – نصائح وخطوات عملية – الخاتمة
وبذا نكون قد ابتدأنا العنصر الأول في مقدمة موجزة عن فكرة مصداقية الانترنت، وإيضاح العناصر القادمة لهذه السلسلة، وفتح المساحة للمبدعين والمهتمين ببسط آرائهم ومقترحاتهم، والطريف هنا أنها المرة الأولى التي ارسم فيها خارطة السلسلة بطريقة الخرائط الذهنية mind mapping .
وقد كان ابتداء الكتابة في هذه السلسلة ورسم خريطتها الذهنية صباح يوم السبت 3 جمادى الأول 1431 الموافق 17 أبريل 2010، من رحاب طيبة الطيبة، تذكرت حينها أبيات كثير عزة:
خليليَّ هذا ربعُ عُزَّة َ فاعقلا | قلوصيكُما ثمّ ابكيا حيثُ حلَّتِ |
ومُسّا تراباً كَانَ قَدْ مَسَّ جِلدها | وبِيتاً وَظِلاَّ حَيْثُ باتتْ وظلّتِ |
ولا تيأسا أنْ يَمْحُوَ الله عنكُما | ذنوباً إذا صَلَّيْتما حَيْثُ صَلّتِ |
محمد السقاف
يتبع.. مصداقية الانترنت – المصادر والمراجع
اترك تعليقاً | عدد التعليقات: (21)
سرني كثير ان تكون هذه اول زيارة لمدونتكم . . . .
اتمنى لكم التوفيق في حياتكم المهنية والاجتماعية
ولنا عودة
تقييم التعليق: 0 0
سررت بزيارة مدونتكم واتمنى لك التوفيق والنجاح ..
تقييم التعليق: 0 0
يا غيث أفكارنا -محمدسقاف -حياك الله وبياك وجعل الجنة متقلبك ومثواك ، زدنا من علمك زادك الله علما .
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم أحمد السقاف.. سرتني زيارتك الأولى.
دعائي لك بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم طه السقاف.. أسعدتني زيارتك.
دعائي لك بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم ابوبهاء الدين.. شكرا لكلماتك الطيبة، دعوت لك بمثل ذلك وزيادة.
ربنا وتقبل دعاء، اللهم آمين.
تقييم التعليق: 0 0
رائع جداً ما كتبته جهد مبذول مميز
اعتقد إن عملية أو كتابة كلمة ( بتصرف ) أو قصه أو ذكر فلان
لن تضر أبداً
كاتب الموضوع
قدر أنها تهين صاحبها
شكر الله لك وننتظر المزيد من التألق
تقييم التعليق: 0 0
السلام عليكم
مقال جميل وأعجبني منكم ترتيب المقال والأمر ليس بالسهل لكنه في النهاية لايصح إلا الصحيح…وبالتوفيق
والخلاصة أن يصبح الموقع في توازنه ومصداقيته مرجعا يعود له الزائر قبل غيره، ومصدرا يستقي منه ويحيل عليه الآخرين لما سبق ولما وجده من نفع وفائدة، إضافة لكونه بيئة مثالية آمنة مضمونا وتقنيا.
http://group.hawahome.com/
تقييم التعليق: 0 0
الأخت غالية.. صحيح ما ذكرتيه والطريف أني في الفترة الأخيري شاهدت من يكتب مواضيعا ثم يضع في خاتمتها: منقول من ماسنجري.
شكرا لتعليقك ودعائي لكِ بالتوفيق.
تقييم التعليق: 0 0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه اول مرة ازور فيها مدونك لقد وفيت الموضوع حقك وتمنى لك النجاح والاستمرار
تقييم التعليق: 0 0
مشكووووور اخي محمد على هذا الموضوع القيم فكلامك و تحليلك عين العقل لان للانترنيت مساويء ومحاسن و العاقل منا من يفرق بينهما .
اتمنى ان تتم الموضوع وجزاك الله الف خير …. تحياتي
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم علي الحمراني.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أسعدني أن المقال قد أعجبك، وأسأل الله أن يمن بتمام النفع والقبول..
دعائي لك بالتوفيق..
تقييم التعليق: 0 0
lakaf .. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أهلا ومرحبا بك، دعائي لك بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
الأخت الكريمة فاتنة.. فعلا لكل شيء وجهان في استخدامه أو انعكاسه حتى التي يرى الناس أنها سيئة في ظاهرها، وبإذن الله تكتمل السلسلة.
دعائي لكِ بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
كما اخترت في الاستفتاء، معلوماتي بسيطة عن موضوع مصداقية الانترنت.
فقط أحببت التنبيه عن مصداقية الانترنت بين العرب وغيرهم، أراه عنوان يستحق التطرق إليه، وقد طرأ علي بعد قراءة موضوعك عن (المنقول) في المواقع العربية، والذي بدوره يؤثر على مصداقية المصدر والجوهر.
وكذلك موضوع (الربح من الانترنت) وسلوك (أساليب دعائية) تزيد فرصة الربح لكنها تزعزع المصداقية في العناوين والحتوى والكلمات الدلالية.. وكل هذا يؤثر بطريقة مباشرة على ثقة الزائر.
لعلي استبقت أمورًا ستطرحه هذه السلسلة، لكن الموضوع أعجبني، وفي نفس الوقت مسّ همًّا يوميًّا لمتصفحي الانترنت.
مدونة محترمة جدا، ذات مواضيع مفيدة، أشكرك عليها، وأتمنى لك التوفيق والسداد.
متابع.. .
تقييم التعليق: 0 0
يا أخ محمد دعوت لي فيما سبق ، واشتقت لدعائك لي فأدعوا الله لي . فتح الله لك كل أبواب الخير ، ووفق إلى كل نية طيبة إنه كريم .
تقييم التعليق: 0 0
مساء الخير
شكرا على الموضوع ، وبصراحة ومن واقع تجربة في الجامعة، صار المصدر الاول للمعلومة هو الانترنت ، وياليت لو نتاكد وندقق من هو الكاتب ومن صحة المعلومة.
الواحد مايصدق ماطلبه منه الاستاذ ويسلمه على الفور ، ومن ناحية اخرى الدكتور لايتاكد اذا كانت المعلومة صح او خطا
في هذه الحالة راح يكون الجيل الحالي والقادم يعتمد على الانترنت ، واصبح يكره الكتاب
دمت بود يا صاحب الابداع
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم راكان عارف.. أشكرك للتطرق لفكرة الربح من الانترنت ومصداقية الإعلان عبر الشبكة وارتباطها بالمصداقية وثقة الزائر، ولم تستبق شيئا ففي هذه المقدمة أردت من الجميع المشاركة بالأفكار ضمن المقدمة أو السلسلة كاملة أو في نفس الفكرة لمصداقية الانترنت..
أشكرك لإطرائك، وتسعدني متابعتك مع دعائي لك بالتوفيق..
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم ابوبهاء الدين.. أسأل الله أن يكرمك ويهبك من فضله بفضله كما يحب ويرضى.. اللهم آمين..
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم خليفة الشامسي.. أشرت في تعليقك لعدد من النقاط كاستخدام الانترنت مرجعا في البحث، وعدم التدقيق أكاديميا من المختصين في هذه الأبحاث من حيث صحة مضمونها فضلا عن كونها باجتهاد الطالب نفسه، أيضا أشرت إلى توطد علاقة الجيل القادم بالانترنت وابتعاده عن الكتاب.
شكرا لمداخلتك وسأخذ بهذه النقاط في إكمال السلسلة.
دعائي لك بالتوفيق والنجاح.
تقييم التعليق: 0 0
[…] محمد السقاف يتبع.. مصداقية الانترنت – المصادر والمراجع مدونتي سقاف كوم […]
تقييم التعليق: 0 0