تمر الأيام وتنقضي الأعوام ونحن نسير في طرقات عالمنا، نمضي عبر دروبه، ونسبح مع تياراته، في واقع الحال هي مسارات عِدّة، والحقيقة أنها في اتجاه واحد، حيث لا تعود الأشياء ولا رجعة للوراء، فما مضى فات والمؤمل غائب، وما لكَ إلا الساعة التي أنتَ فيها.
نلوم أنفسنا ونعتب عليها ونعاتبها، نترافع عنها ونعاقبها، فقط حين نجد وقتا لمحاورتها والإصغاء لها، لكن من هو مربوط بسماعات المشغلات الرقمية في أذنيه، من فتية وفتيات، من مختلف الأعمار واللغات، تجدهم في دوامة وإن كانوا في أماكنهم، تبقي أذهانهم في حركة مستمرة، والعجب في استمرارهم قابعين في الدوامة لساعات طويلة، أهو هروب من أمر ما؟ أم عدم الرغبة في أن يعمل العقل بطريقة أو بأخرى؟ وأعجب من ذلك: كيف يحتملون هذا الضجيج! فكما هو معلوم في مقاييس الصوت أن درجة ضجيج السيارات 90، بينما الكلام العادي 60 درجة والمطر 40، وأجهزة الحفر 120، وتقترب منها بدرجة 115 المشغلات الصوتية الرقمية!
لآذاننا حق في حمايتها من الصمم، ولعقلنا صون عن أن يكون أصما، وللوقت اعتبار في إعطائه حقه ومستحقه، قليل من الصبر على الانضباط والنظام، ومزيد من التركيز وترتيب الأولويات، يثمر قريبا بل قريبا جدا بمتعة الإحساس بقيمة الأوقات وبما نشغله فيها.
فيا حسرةَ الأعمار تمضي سبهللا ** وذرتها تعلو على ألفِ دُرَّةِ
“قيل لأعرابي في يوم حار بحضرة قوم يتصايحون في الخيام: أما ترى أجيج اليوم؟ فقال: إن ضجيج القوم أشد من أجيج اليوم”، فكيف بضجيج يتطاير منه أجيج، يذكي الضجيج جذوة أجيجه، ويدفع أجيجه جَلَبة ضجيجه.
كلاهما.. متى انتقلنا من توجيههما للآخر إلى الذات، ومن الخارج إلى الداخل، بمقدار صحيح وميزان رجيح، أثمرا وأينعا نقدا للذات لا جلدها، ودوام ذلك لا مجرد شرارة سرعان ما تنطفي.
ومع ساعات المغيب خامرني إحساس تمكن مني، حين لاحت لناظري جبال القدس، وخالجني شعور غريب حين وقفت متأملا أضواء أريحا ليلا، من على ضفة البحر الميت بالأردن، أجج ضجيجا بداخلي أذكى جذوته رسالة نصية وصلت إلى قلبي قبل هاتفي المحمول: “أهلا بك في بيتك الثاني فلسطين”.
أهلا بمنظر يغلفه الصمت، فيه أجيج من هذا النوع يدفع محرك الذات لإصلاحها، ويرفع ضجيجها بالحركة والهمة والدعاء لخالقها، وهذا هو سِرُّ العنوان: قليلٌ، من الضجيج.
محمد السقاف – البحر الميت
غرة محرم لعام ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين للهجرة الشريفة
(1/1/1433هـ)
اترك تعليقاً | عدد التعليقات: (21)
رائع
أججت مشاعرنا بضجيج الشوق ، فمن لها يهدّئ من روعها بعد ما ضج ضجيجها وأج أجيجها…..جوزيت
سامر
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم سامر..
سكونها في أجيجها ، وبلوغها مرامها، فتبث شجونها، لتذكيها وترويها..
مودتي،،
تقييم التعليق: 0 0
كل الشكر والامتنان على روعة بوحـك ..
وروعة مانــثرت .. وجمال طرحك ..
دائما متميز في الانتقاء
سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك
لك خالص احترامي
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم محمد فوزي…
شكرا لكلماتك العاطرة الطيبة،
تقبل خالص الود،،
تقييم التعليق: 0 0
I also vote for laptop. Yes, they are bigger, but I can do all my professional task with them and, also, when I arrive my hotel at night, I can lay in the bed and watch a movie in my ThinkPad Trucos Sims Social’s recent post ..
تقييم التعليق: 0 0
Amei a sua lista, também quero srrsrrsrs mas o dinheiro não deixa, ainda mais para quem vai casar né?! Adoraria ver indicações de sites que vc compra ou que acha por ai assim agente fica conhecendo mais sites legais.Beijos Jess
تقييم التعليق: 0 0
That’s cool Ben.Did you draw any conclusion ? Visually, overall seems to me that age is not the key factor, although 50% of top racers are in the first age quartile.Also the oldest racer is making a pretty decent time, in the top 25% racers.Seems to have less dispersion among women age ?maybe boxplot, Stipechart and spreadchart can help analyse those parameters.Can you add an age scale.Great job indeed Ben !! Thanks a lot for sharing.
تقييم التعليق: 0 0
أهنيك على المدونة الرائعة فعلا ً ……
شكراً
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم 3zo0oz..
شكرا لك
تقييم التعليق: 0 0
رائع….
أنا نفسي كنت أعيش في الدوامة التي تكلمت عنها… دوامة من الضجيج غزلت منها شرنقة ولففت بها نفسي واعتزلت العالم بداخلها..
نعم كان نوعا من الهروب..
ونعم هي دوامة تتقاذفك كريشة في مهب الريح لكنك في الواقع ثابت في مكانك.. يتجاوز عنك الوقت وتمر قوافل البشر ماضية مخلفة اياك وراءها ..
لكن خلعت عني تلك الشرنقة ولحقت بالركب… لا أود البقاء لوحدي….
تقييم التعليق: 0 0
الأخت الكريمة هبة
أسعدني أن ذلك كان وانتهى..
دعائي لكِ بالتوفيق،،
تقييم التعليق: 0 0
بارك الله فيك وجزاك خيرا ، مقالتك رائعة ..
تقييم التعليق: 0 0
وبك يا السمي
مودتي
تقييم التعليق: 0 0
دائماََ تعانق أديم السماء
فيتساقط المطر ليروي بساتين الأرض
فتورق
ويتفتق الإبدااااااع
إبداع الحروف والكلمات وجمل
سطرتها أناملك البهية
تقييم التعليق: 0 0
أنثى ملكية.. شكرا لردك وكلماتك العاطرة..
مودتي
تقييم التعليق: 0 0
Pleasing you should think of sotihmeng like that
تقييم التعليق: 0 0
fshare có nạp 1 ngà y 3k. nói chung cững lợi, dùng cho những ngÆ°á»i Ãt down. mà cà o thẻ 10k nạp 3k còn 7k để đâu?
تقييم التعليق: 0 0
Keep these articles coming as they’ve opened many new doors for me.
تقييم التعليق: 0 0
It’s great to read something that’s both enjoyable and provides pragmatisdc solutions.
تقييم التعليق: 0 0
…. la traduction littérale du panneau dans la cuisine: » Ta mère ne travaille pas ici, range ton bordel ».Inutile de vous dire que c’est moi qui l’ai acheté Et au fait, c’est vous qui nous avez donné les matelas….
تقييم التعليق: 0 0
[…] محمد السقاف – البحر الميت مدونتي : سقاف كوم […]
تقييم التعليق: 0 0