في بوح سابق من حكايا المدونة حول ارتباط الصورة الظاهرة باللب والأساس الداخلي، فأطلقت وصف الثمرة على الخارج والبذرة على الداخل، فكتبت: “البذرة والثمرة“، وكما تحرك الخاطر لتدوينها بسبب الظرف المرتبط بها والفكرة، فقد حدث ذلك في هذه التدوينة وأكثر.
1413هـ – 1992م
حين يحل المساء..
في ليلة الجمعة من كل أسبوع
وينصرف الناس من صلاة العشاء
منذ أكثر من عشرين عام مضت
ذكريات حية، باقية وما انقضت
* * *
كراسةٌ، قلمٌ، تلميذٌ، وأنت يا أستاذ
ذهن حاضر، وحاسة تقنص وتبادر
أستمع إليك، وكُلي مجتمعٌ عليك
فكما قالوا: العلم في الصغر كالنقش على الحجر
* * *
كلماتك كانت معدودة، لكنها تحمل في طيها الكثير
أثرها يتجاوز الآذان للعقل والقلب والوجدان فيفعل التغيير
بسمتك تجعل من يراها لا محالة يبتسم
وحين تضحك تعبث بوجدان من حولك فتخامرهم البهجة
وترى الجميع على أهبة الاستعداد في حزمك
* * *
كم نقشت في كامني حكما وعبارات وعيتها عنك، ومنها للشافعي:
العلم صيدٌ والقكتابةُ قيدُهُ * * قيِّد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالةً * * وتفكها بين الخلائِقِ طالقة
فعززت دوما حب التدوين، وشغف المعرفة، ونهم تعلم الجديد
* * *
وأبرزت من حال حزمك وضبط للأوقات، بيت شعر كم ردَّدتَه علينا
إذا كان رأسُ المال عمرك فاحترز * * عليه من الإنفاق في غير واجبِ
كلماتك، مواقفك، علمك الوافر، تعاملك الباهر مع الكبير والصغير
كلها تبني تربية وفكرا وعلما سليما في تلاميذك ومحبيك
* * *
من البديهي أن تأتي البذرة بالثمرة -متى سقيت-
“فمن أسر سريرةً أظهر الله عليه ردائها” – الإمام علي بن أبي طالب
ولكن ثمرة العلم تجني منها ثمراً آخر في كل مرة
“فالعلم يثمر الحال، والحال يثمر المقام” – الإمام الغزالي
* * *
مقامك أستاذي عامر في مهجة وفكر تلاميذك ومحبيك
وثمرك فينا لا نزال نقطفه وندرك في كل يوم يمر بنا قيمته وعظيم أثره
وما دونته ليس إلا مرور زائر أو ربما مسافر في حقك وفضلك عليّ
وفي الصورة كفاية للمقصود من التعبير وعن العنوان: “ثمرة الثمرة”
* * *
شكرا أبي، يا من عودني حضور ذلك وعلمني قميته
شكرا أستاذي المربي، سقيتني من عصارة علمك وحالك
شكرا أحبتي وأصدقائي، عشت معكم بهجة ذلك كله
رحمك الله يا أبي وأستاذي،
كم أفتقدكم، وزمانا عشته معكم هانئا، فهل يعود؟
* * *
الله يفعل ما يشاءْ فلا تكن متعرضا
والله عودك الجميل فقس على ما قد مضى
* * *
في الصورة: أستاذنا المربي الحبيب عمر بن حسين الكاف الذي وافته المنية في الرياض يوم الأحد 11 محرم 1435 الموافق 25 أكتوبر 2015