حين تبحث عن أمر ما عبر “الانترنت” فأنت تتجه مباشرة لموقع أو محرك بحث قبل غيره من المواقع، وفي كل مرة تبحث عن تصنيف مختلف فأنت تتجه لموقع مختلف قبل قائمة مواقع أخرى ضمن نفس التصنيف، فهل هذا التصرف المعتاد أتى مصادفة؟ وهل هذه المواقع استحقت ذلك من دون سبب يذكر؟
إذا طلب منك البحث عن معلومة ما أو أردت الوصول إليها فأنت تبحث فيمن ألف وكتب حول نفس ما تريده، لتحصل على عدد من أسماء الكتب والمذكرات البحثية، ثم تفاضل بينها تبعا للمؤلف أو للتبويب والفهرسة أو تاريخ البحث وربما مظهره وجودة إخراجه.
أو أن تقوم بالتواصل مع أشخاص من حولك إما أن يدلوك على المعلومة ذاتها أو يختصرون لك الوقت بالإشارة والتوجيه إلى أي الكتب تذهب أو من تسأل، هؤلاء هم من تنطبق عليهم مقولة: العلم في الراس وليس في الكراس، فهم موسوعات علمية معرفية حية تسير بين الناس، كم أحترمهم وأخشى مع التطور التقني أن يظن الناس قدرتهم على الاستغناء عنهم بأقراص رقمية لاتؤكل أو ذاكرة تحفظ ولاتعي أو تميز ما بداخلها، والأدهى من ذلك تبلد هذه الموهبة والمهارة في الحفظ والمعرفة، والحرص على البحث والاطلاع، فأنت لست بحاجة لحفظ شيء ابتداء من أرقام الهاتف الخاصة بك وحتى أعقد المعلومات، كل ما تحتاج إليه هو أن تكتبها ثم تقوم بحفظها ولكن ليس في ذاكرتك وإنما في ذاكرة رقمية.
5% لا تهمني
14% لا أؤمن بحقيقتها وواقعيتها
11% أول مرة أسمع بها
27% معلوماتي بسيطة
32% لدي معلومات كافية عنها
11% بحثت ولم أجد معلومات متكاملة
إذا نظرنا لابتعاد الناس عن الكتب وإتقان البحث والإطلاع والحفظ، والانتقال لبديل الانترنت كمرجع بحثي -شئنا أم أبينا- أضف إلى ذلك اتساع رقعة وعدد مستخدمي الانترنت يوميا، والكم الهائل المعلوماتي الذي يضاف فيه، فإن الخطر هنا يكمن في الركون على الانترنت كوسيلة بحثية معرفية وحيدة، لأنها ستؤثر في مستوى الشخص الباحث من عدة جهات:
ودون أن أهمل النواحي الإيجابية التي قدمها الانترنت للحصول على المعلومة من حيث: السرعة وسهولة الوصول للمعلومة، وتوفير الوقت والجهد والمال، وكونها متاحة طوال ساعات اليوم، ولا تحملك عناء السفر لمعرفة تفاصيل بلاد أخرى، إضافة لتوفير المراجع والكتب ذاتها وإمكانية قراءتها وتحميلها على الحاسوب.
ولذا أقول: ليس الخلل أن يكون العالم في شاشة حاسوبك أو هاتفك، ولكن الخلل أن يكون عالمك منحصرا عليها.
زلة العالِم، زلة عالَم.. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “ويل للعالم من الأتباع يزل زلة فيرجع عنها ويتحملها الناس فيذهبون في الآفاق، وفي منثور الحكم والمدخل: زلة العالم كانكسار السفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير” [فيض القدير للمناوي]وتجد في كتاب ابن القيم رحمه الله – إعلام الموقعين عن رب العالمين – مبحث زلة العالم، غنية حول ذلك.
والقصد من الاستشهاد بزلة العالم هنا، لما يحصل في الشبكة ممن يكتب فيها، سواء عبر موقعه أو عبر المنتديات أو القوائم البريدية أو أي وسيلة أخرى، فتجده يكتب دون الاهتمام بالتوثيق أو البحث الدقيق، خصوصا في مسائل دينية أو اجتماعية مؤثرة، فتتفرق كلماته بين المواقع، ولايستطيع في حال اكتشاف خطأ أو الحاجة لتعديل أن يصححها أو يعود عنها لدى كل من نقل وقرأ ما كتبه، فلنتنبه.
يتبع.. مصداقية الانترنت – الإعلام الجديد
اترك تعليقاً | عدد التعليقات: (6)
مقال واقعي وهادف .. أشكر صاحبه جداً
كنت في السابق ككثير من الناس أثق في نزاهة – أو لنقل حياد – محركات البحث وفي النتائج التي تظهرها بمجرد الضغط على زر (ابحث) بعد كتابة الجملة أو الكلمة المراد البحث عنها ..
إلا أن التجربة أثبتت أن عدداً من محركات البحث يقدم النتائج التي يستفيد منها مالياً أكثر من غيرها .. وبالرغم من وجود محركات بحث لا تعطي وزناً لمسألة الدفع بل إنها تفصل نتائج البحث إلى قائمتين (قائمة حيادية، وقائمة الدافعين) إلا أن البحث فيها ليس طريقاً صحيحاً للحصول على نتائج قابلة لتأليف نسيج من المعلومات التي تشكل في النهاية بحثاً علمياً يحتاج إلى كثير من المصداقية.
تاريخ المسلمين في تحري المصداقية تاريخ ثري للغاية ، ولا أتوقع وجود مستوى مماثل أو حتى مقارب لدى أمة من الأمم في تحري المعلومة ونقدها روايةً ودراية.
على سبيل المثال لم يكن يقبل الكتاب المنسوب إلى مؤلف إلا بسلسلة من الرواة المجازين بنقل الكتاب وتوريثه لمن بعدهم تبدأ من المؤلف وتنتهي بالراوي الأخير.
ومن يتأمل حقيقة هذا التحري يدرك الهزال المعرفي الذي نعيشه اليوم معتمدين في بحثنا على محركات بحث لا تفقه ولا تعي .
أستاذ محمد
دُم بخير
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم محمود أبوعمار، معذرة لتأخري في الرد وسأعقب على تعليقك في شقين:
الأول: نتائج محرك البحث:
فقد يكون تقدم النتيجة على غيرها لما ذكرت، وأيضا هناك أسباب أخرى منها قدم الموقع على الانترنت، وسرعة أرشفة صفحاته وطريقة برمجته وتاريخ النشر وكثافة تبادله وبقاء الزوار فيه.
فإما لجميعها أو لبعضها يتقدم أحد الروابط على الرابط الأفضل والأهم.
الثاني: سلسلة السند:
علم الأسانيد والجرح والتعديل وطبقات الرجال والمناقب وما خصصوه من علوم سواء كانت ضوابط أو أخبار دليل على حرصهم واهتمامهم بالتحري والدقة كما ذكرت..
شكرا مجددا لتعليقك،
دمت بود
تقييم التعليق: 0 0
مقالة رائعة جداً وجميلة
ولقد رأينا ووعينا والدليل واضح عيان بالفرق بين من يتعنى للبحث عن معلومته ومراده في الكتب وماهي الكمية المتحصل عليها من فوائد أخرى تفضي إلى عقليته الكثير والكثير وتزيد من الإستيعاب الفكري والتطور الذاتي بشكل رائع وجميل وهو المنهج الذي سلكه كل من كان له حمل وبصمة وخطى راسية في مجال العلوم في أي كيفية كانت وبأي اتجاه عرفت
بينما البحث الإلكتروني بشكل عام بالسرعة الفذة والمعلومات المختصرة جداً والمحصورة على نقاط قد تتلاشى بتلاشي الرغبة
وحيث أن ذلك البحث لم يكن بذلك الجهد وعليه فكما كان الحصول عليه سريعا فذهابه وخسارته أسرع
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
أشكرك على مقالتك أخي الكريم
تقييم التعليق: 0 0
الأخ الكريم طه الهدار، تذكرت العبارة التي تقول: ما يأتي سريعا يذهب سريعا، وفعلا لم يغني الكتاب عن المعلم، ولا الانترنت عن الكتاب.
شكرا لتعليقك ومداخلتك الجميلة، موفق إن شاء الله.
تقييم التعليق: 0 0
أهلاً .. كيف حالك ؟
أحييك بشدة على هذا الموضوع وفكرك الوآع الكآف ..
حقيقة قد تكون السرعة عامل آخر لـ الاتجاه الكبير للبحث للانترنت بشكل عام !
ولان لعنآء البحث .. والقرآءة “حتى لو كان طويلاً ” يكون أفضل لـ جيزة الكلام وترآسله بدون تطويف بعض الكلمات التي تكون في نظرهم غيرم مهمة ولكنها تعطي “معنى آخر ” قد يكون إضآفية جميلة وهنا للتوضيح اقصد البحث في الكتب والمراجع
وهي ركن أساسي لا غنى عنه في تقصي المعلومة بشكل وآرد ومسهل للفهم والاستيعاب الكلي مع التعمق في مفردة الكلمات النصية غيرالأنترنتية التي تقل مصداقيتها عن مصداقية المراجع والكتب التوثيقية للصلة ..
عذراً للإطآلة ,,
شكراً لك جزيلاً على كذا طرح ..
تقييم التعليق: 0 0
[…] يتبع.. مصداقية الانترنت – الإعلام الجديد مدونتي سقاف كوم […]
تقييم التعليق: 0 0